تلعب تقنيات الليزر دورا هاما
في عنصر الإثارة و التشويق في أفلام و كتب الخيال العلمي و بسبب هذه الأفلام
أخدنا الإنطباع حول إمكانية إستعمال الليزر في الحروب المستقبلية و سفن الفضاء . و
لكن الليزر يلعب دورا أهم في حياتنا اليومية فهو يستعمل في جميع المنتجات التقنية
من قارئات الأقراص ( CD players ) إلى أدوات طبيب الأسنان إلى أجهزة قطع الفولاذ في المصانع فجراحة
العيون و غيرها من الإستعمالات اللامتناهية . و لكن ما هو الليزر ؟ و ما هو الشيئ
الذي يجعل حزمة الليزر تختلف عن حزمة الضوء العادية ؟ في هذا الموضوع سوف نجيب عن
هذه الأسئلة المختلفة و لكن قبل ذلك دعنا نبدأ بأساسيات تقنيات الليزر .
أساسيات الذرة :
التركيب القاعدي للذرة
.
يوجد فقط حوالي 100 نوع مختلف من الذرات في الكون كله و كل شيئ تراه في حياته
مصنوع من هذه الأنواع المئة و لكن بتركيبات مختلفة لا متناهية . إن
طريقة تجمع هذه الذرات و كيفية إرتباطها ببعضها البعض هو ما يحدد طبيعة المادة (
ماء أو معدن أو الرغوة التي تخرج عندما تفتح مشروبا غازيا ) . تكون الذرات في تحرك
دائم فهي تهتز و تدور بإستمرار حتى تلك الذرات التي تكون مقعدك التي تجلس
عليه ليست ساكنة بل في حركة ذئوبة . تقع الذرات في مستوى تهيج معين بمعنى
أخر ، يمكن للذرات أن تكتسب طاقات مختلفة فإذا أعطينا للذرة طاقة كبيرة فبإمكانها
أن تترك مستواها الأصلي و تنتقل إلى مستوى أعلى ( مستوى التهيج ) ، فمستوى التهيج
يعتمد بالأساس على كمية الطاقة الممتصة من طرف الذرة عن طريق الحرارة ، الضوء أو
الكهرباء .
و في الصورة في الأعلى يمكننا
أن نرى التركيب الكلاسيكي للذرة ، فهي تتكون من نواة ( nucleus ) تحتوي على البروتونات و النوترونات و يحيط بها ( بالنواة ) غيمة من
الإلكترونات و من المساعد أن تفكر في هذه الإلكترونات على أنها تحوم حول النواة في
مدارات دائرية.
إمتصاص الطاقة :
إمتصاص الطاقة و الإنتقال من
مستوى إلى مستوى اعلى . إذا نظرنا للصورة الماضية ( التركيب القاعدي للذرة ) ، رغم
أن التمثيلات الحديثة للذرة لا تدرج مدارات بحتة للإلكترونات ، يمكننا أن نعتبر
هذه المدارات على أنها مستويات مختلفة للطاقة ، بمعنى أخر إذا قمنا يتسحين ذرة ما
، يمكننا للإلكترونات المتموقعة في المستويات( المدارات ) السفلى أن تقفز
إلى مستويات أعلى ( تكون بعيدة عن النواة ) . رغم أن هذا الشرح بسيط و سطحي جدا إلا
أنه يعكس في الواقع الفكرة الأساسية لطريقة عمل الذرات و تشكيل الليزر . عندما
ينتقل إلكترون من مستوى طاقوي أدنى إلى مستوى طاقوي أعلى فإنه يبقى في حالة هيجان
و يريد بأي طريقة أن يعود إلى مستواه الأصلي و عندما يفعل ذلك يقوم بتحرير طاقته
على شكل فوتون
(photon) ( هو جسم طاقوي ليس له كتلة و هو من
مكونات الضوء ) و أنت من حيت لا تدري تشهد هذه العملية في جميع الأوقات ، فعندما
تنظر الى شاشة التلفاز فإنك ترى ذرات الفوسفور التي تم تهييجها من طرف الإلكترونات
السريعة مما أدى الى تحرير إشعاعات ضوئية على شكل ألوان محتلفة . في المحصلة أي
شيئ يصدر ضوئا يرجع مبدأ عمله إلى تهيج الالكترونات و إنتقالها عبر المستويات
الطاقوية ثم عودتها من جديد إلى وضعها الطبيعي ليتم تحرير الطاقة الزائدة على شكل
فوتونات . العلاقة بين الليزر و الذرة : إن الليزر هو جهاز خاص يتحكم بطريقة تحرير
الذرات المهيجة ( التي أمتصت طاقة ) للفوتونات أثناء رجوعها إلى مستواها الأرضي ،
و كلمة ليزر باللغة الإنجليزية Laser هي إختصار للجملة التالية : light amplification by stimulated
emission of radiation ( تضخيم الضوء بانبعاث الإشعاع) و التي
تصف طريقة عمل الليزر . رغم وجود انواع كثيرة من الليزر إلا أنها جميعا تتقاسم نفس
الخصائص الاساسية ، يتم تحريض وسيط ليزري للحصول على ذرات متهيجة و يكون ذلك عبر
ومضات مكثفة من الضوء أو عبر شحنات كهربائية ، و يجب أن يكون عدد الذرات المثارة (
المتهيجة ) كبيرا جدا ليعمل الليزر بفعالية أكبر . بشكل عام ، عند تهيج الذرات
تنتقل الإلكترونات إلى مدارات أعلى من مدارها الأصلي بمستويين أو ثلاثة مستويات .
عندما تعود الإلكترونات إلى مدارها
الاصلي تحرر فوتونا ضوئيا
عندما يتم تحريض الوسيط الليزري ،
يتجمع عدد كبير من الذرات المهيجة ( التي تحتوي على إلكترونات في مرارات أعلى
مدارها الأصلي ) ، و بما أن الإلكترونات المثارة قد إمتصت طاقة لفعل ذلك فإنها
منطقيا قادرة على فقدها او تحريرها و كما تبين الصورة في الأعلى عندما تفقد الطاقة
فإنها تعود إلى مستواها الطبيعي ( تفقد تهيجها و تصبح مستقرة ) محررة فوتونا ضوئيا
( طاقة ضوئية ) . يملك الفوتون المحرر طول موجة (wavelength) محدد و بالتالي لونا محددا أيضا و يعتمد بالأساس على حالة الإلكترون
و مستواه الطاقوي عند تحرير الفوتون .حيث تستطيع ذرتان تحرير فوتونات بنفس طول
الموجة شرط أن تكونا ( الذرتان ) متطابقتان و إلكتروناتهما في نفس المستوى الطاقوي
. الليزر الضوئي : يختلف الليزر الضوئي كثيرا عن الضوء المرئي العادي ، حيث يملك
الليزر الضوئي الخصائص التالية : الضوء المحرر يملك طول موجة موحد (monochromatic) : ( نفس اللون ) و كما سبق و ذكرنا ذلك فإن اللون يتم تحديده حسب
كمية الطاقة المحررة عندما يعود الإلكترون المهيج إلى المستوى الأرضي . الضوء
المحرر في الليزر الضوئي يكون متماسكا و منظما (coherent) :( حيث أن جميع الفوتونات المحررة تكون منسجمة مع بعضها البعض و هو ما
لا يحدث في الضوء العادي حيث تحرر الذرات الفوتونات بطريقة عشوائية). يكون ضوء
الليزر الضوئي مستقيما في إتجاه واحد (directional) حيث يتميز بشعاع ضيق و قوي و مركز جدا . بينما في الضوء العادي
فإنه ينتشر في جميع الإتجاهات مما يجعله مشتتا و ضعيفا . و لتحقيق هذه الخصائص
الثلاثة ، يجب علينا القيام بعملية تدعى stimulated emission ، و هي عملية لا
تحدث طبيعيا مع الضوء العادي . إن الفوتون المحرر من طرف أي ذرة يملك طول موجة خاص
به و يتعلق أساس بالفرق الطاقوي بين مستوى التهيج و المستوى القاعدي ( الأصلي )
للإلكترون المهيج ، و عندما يصطدم هذا الفوتون بذرة تملك الكترونات مهيجة في نفس
المستوى الطاقوي ، تحدث ظاهرة الإنبعاث المستحث (stimulated emission) ، حيث يحث أو
يحرض الفوتون الأول الذرة الثانية على تحرير الفوتون بحيث أنه ( الفوتون الثاني )
يهتز بنفس تردد الفوتون الأول و في نفس إتجاهه . المفتاح الثاني لعمل الليزر هو ما
يدعى بزوج المرايا (pair of mirrors) حيث توضع مرأة في في نهايتي الوسيط الليزري ، فالفوتونات التي تملك
ترددا خاصا و طول موجة خاص تنعكس في المرأة و تنتقل من الطرف إلى الطرف الأخر في
الوسيط ، و أثناء إنتقالها تقوم بعملية الإنبعاث المستحث ( stimulated emission ) حيث تحرض الذرات الأخرى على إطلاق الفوتونات في نفس الإتجاه و بنفس
طول الموجة . بمرور الوقت ، يحدث تراكم كبير للفوتونات ( كلها لها نفس طول الموجة
و تتحرك بنفس التردد ) ، و بما أن المرأة على أحد جانبي الوسيط مغطاة فقط إلى
النصف بالفضة فإنها تعكس فقط بعض الضوء و تسمح للباقي بالخروج ، إن الضوء
الذي يخرج من الوسيط هو ما نسميه الليزر الضوئي .
سوف نمثل جميع هذه المراحل في الصور
التالية : يتكون الليزر الروبي (Ruby Laser) من من أنبوب فلاشي ( flash tube ) كذلك الذي يوجد في الكاميرا ، و قضيب روبي بالإضافة إلى مرأتين (
أحداهما مغطاة جزئيا بالفضة و الأخرى مغطاة كليا ) .
إن قضيب روبي هو الوسيط الليزري و يتم
تحريضه من طرف الأنبوب الفلاشي :
1- الليزر في حالة غير مهيجة .
2- يرسل الأنبوب الفلاشي أشعة ضوئية إلى قضيب روبي فيقوم بتهييج الذرات في الوسيط .
3- تقوم بعض الذرات بتحرير
الفوتونات
.
4- تتحرك بعض الفوتونات في إتجاه موازي لمحور القضيب حيث ترتد من طرف المرأتين و
تقوم في طريقها بعملية الإشعاع المستحث للذرات الأخرى.
5- يغادر ضوء منسجم بموجة موحدة و في إتجاه واحد
القضيب عبر المرأة المغطاة جزئيا ، إنه الليزر الضوئي .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق